المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
basmaahmed | ||||
bashirahmed | ||||
الجيلي الأمين المبارك | ||||
مصعب عبدالعزيز | ||||
طارق عبدالرحيم الصديق | ||||
ماريا | ||||
محمد الأمين | ||||
ابو اسامة | ||||
عمر مبارك البشير | ||||
ابوالياس |
دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 2 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 2 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 146 بتاريخ الأحد أكتوبر 20, 2024 11:07 pm
العم ودراوه
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
العم ودراوه
العم ودراوه
جلس علي وسيرته التى اعتاد الركون إليها كلما دب الي نفسه السأم والملل وتملكه الضجر في غير ميعاد بذاك الحجر القابع بركن الدكان وسط الحى بجانب الخور ، جلس عليه وأسند خده الأيسر الي ذراعه اليسرى يطالع السماء الملبدة بالغيوم قبل ساعات الغروب التى بدأت تدنو ولازلت الشمس ترسل أشعتها بين الفينة والأخرى متسللة تلك الغيوم التى بدأت تكثر وتزداد كثافة وتتشكل بألوانها الثلاث الأييض والرمادى فالأسود موحية بمشيئة الله بنزول الغيث ، وما برح يطالع السماء تارة وتارة أخرى يمنة ويسري يشاهد متأملا في المارة من اهل الحله وهم يروحون ويجيئون في غير كلل ودون ملل وصمته يكاد يقتله تلكم نسوه أمهات وصبايا ، وهؤلاء رجال شيوخ وشباب ، وأطفال يتمرقون في التراب ، لا يندب حظه بقدرما يتأمل ويقرأ الفارق بينه وبينهم كم هو في حال وهم في شأن – انها ارادة الله .
تنهد بصوت مسموع صوت ألفه كل الناس عنه ولا من أحد يجرؤ عن سؤاله علاما الضجر (ياعم ودراوه) ذلك لأن أخذ إجابة عنها منه أبعد من المستحيل فحياته صمت وجليسه الوحدة وحديثه النظر ، ويعود وينظر الي السماء وقد أطال هذه المرة وما أن رجع بنظره الي مادونه إلا وأجهش باكياً وأنسكب الدمع من عينيه ليسيل بخديه علي وجهه الشاحب الحزين ، بكى وبكى وبكى ، فكم تمنى أن ينزل المطر وترتوى الأرض فتسيل جداولها وتمتلي خيرانها ويخرج ماهو كامن بباطنها أو مختبئ بين بمخابئها المنظورة وغير المنظورة ، كم تمنى نزول الغيث فترتوى الأرض وتكتسي بثوب الخضرة عشباً لترعى الأنعام وتشبعها فتجود بخير الضرع الوفير ، تبلورت بذاكرته القديمة الجديدة ملحمة خروج الرجال والشباب في ذاك الزمان كل علي حده ممتشقاً دابته المحملة بفطور العصيدة وكورة اللبن ومعول الزراعة (السلوكة والتيراب) من بعد الفجر متوجها الي حيث الزراعة والجهاد ثم الحصاد والنجاح ، وهناك قلة من الآباء ممن يحملون الي جوارهم وخلف ظهورهم بعض الصبية علي دوابهم .
هبت الرياح شديدة قوية عصفت بكل ما تجمع من بشائر الخير (انها إرادة الله) وساقتها الي بلد آخر وبرحيل الغمام رحل أمله ولكن رجاءه في ربه لن يخيب ، وقبل الغروب ببضع دقائق جمع أطرافه ، عصاة من بقايا أعود من حطب كان يجلبها للإستعانة بها في اشعال نار الطبخ وغيرها ، ولفافة راس عبثت بها المقادير تمزقاً وإهتراءً واتساخاً ،صوب وجهه الي جهة داره حيث عنقريبه المطروح بداخل حوش من غير لحاف ، وإن كان ثمة لحاف فهو لحاف من غير ملاءة ودون وسادة ، حيث لا زوجة ولا أبناء ، حيث لا أب ولا أم ، الأم التى كانت تملاء حياته وتسعد دنياه وتشغل كل حيز من فراغه تؤنس وحشته وتسد حاجته وتروح عنه متى ما أحست بلوعته وكآبته ، عاد الي حيث كانت أمه ملازمة لعمله في كل ليلة وفي مثل هذا الوقت عند الغروب ، الي حيث يشتم عبقها وتتجسد روحها عاد الي زريبة المعيز التى رجعت لتوها من السرحة ، ترغو تركض وتضج وتملاء الحوش حياة وإنسا علي الرغم من السواد الذي يخلفه الظلام الموحش المخيف داخله وحوله ، منادية لصغارها المحبوسون بمخزن يكتنفه الظلام ويحفه هو بدوره أيضا ، وهم يبادلونها الصياح والطرق علي باب المخزن المغلق عليهم . في عجالة ودن ارتخاء او تأخير لبي النداء وفتح الباب الموصد علي الصغار فتحرروا والتحقوا بأمهاتهم ، وهدأ كل شئ سكون قاتل هدوء رهيب ، كيف لا وكل ماعز قد إختصت بوليدها الذي يتلاعب بذيله فرحا بضرع أمه الممتلئ بالحب والخير الذي أنتظره طيلة ساعات غيابها ، وتبادله أمه الحب حباً والحنان حنا وهى تلتفت اليه كل لحظة وأخرى لتشتم رائحته لتتأكد من أنه وليدها والأحق بهذا الحب وهذا القدر من العطاء .
وفي غير تردد وبنهم قوى أتى بطاسة معدنية لا يعرف أصل ومكنون معدنها أألمنيوم هى أم نحاس ، أحديد هى ياربي أم أستيل ، لكثرة ما تراكم عليها من سواد جراء الحرق والتسخين ، جلس جنباً الي جنب مع الصغار خلف المعيز ليتقاسم معهم العطاء غير المجذول في غير منٍّ من حليب ، وكلما اشتد نهم الرضيع وأزادت رغبته رضاعة كلما أسدته مزيداً وأزداد هو نصيباً ، وهكذا الي أن تناوب عليهن جميعا جامعاً ما تيسر وبما جدن به حميعهن عليه
توكأ بطاسة لبنه في عتمة هذا الظلام الي حيث يدرك ويعى ما يريد وأين يقصد ، الي مكان غير بعيد عن الزريبة الي الراكوبة حيث جلس الي بقايا كومة من حطب ورماد وقليل من ورق جرايد قديمة وكرتون ممزق يجمعه في مشيئه ومجيئه متى ما تيسر ذلك ، وأوقد نارأ وضع عليها طاسة لبنه حتى أخذت من الحرارة بقدر ما إكتسبت منها ، ثم نهض وطاسة لبنه بيده وذهب بها أيضاً الي حيث أعتاد أن يضعها وليتناولها بعد أن يؤدى فريضة العشاء ، والي جوار عنقريبه بوسط الحوش الموحش المخيف حالك السواد كان يرقد من تآل رأسه وقبالة وجهه كلبه الهزيل الأجرب كثير العوى والنياص تمرقاً من الجوع الذي لا يجد مانعاً يحول بينه والذهاب ولو بعيدا في طلب قوته ومايسد به حاجته ، ولكنه آثر إلفة ورفقة صاحبه الذي يقاسمه اللقمة متى توفرت ، فهانت عليه نفسه دون الإستغناء عن رفيق عمره .
جلس الي عنقريبه وحينها كان عائدا من مخزن حيث كان الصغار مغلق عليهم إذ دلف إليه بعض أن أدى فريضة صلاة العشاء في غير خوف ودون مبالاة أن يلدغه سارب من سوارب الليل التى تعج بها الحله وخصوصا في مثل ظلمة كهذه ، وعاد وفي يده ما يوحى أنها مخدة ، وحقيقة ليست بالمخدة التى نألفها ، فلقد كانت بقية من لبدة كان يضعها علي ظهر حماره الذي هلك ، حين كانت الحاجة تدعوه ليمتطيه ، وشئ آخر كالثوب ولكنه ليس بثوب وليس بشبه الثوب بل قطعة من قماش تفتقر للون من طول أمد قربها من الماء ، وكثرة ما علق بها من كل ما من شأنه أن يتسخ بسسبه الثوب ، أما رائحتها فلا بالكاد الإقتراب منها ، انه الغطاء الواقي الأوحد من ليل لربما يبرد , وإنه الغطاء المتاح المتوفر لدرء لدغات البعوض الذي يكثر ويزاد ضراوة كلما ازدات الكتمة واحكمت قبضتها .
تناول طاسة لبنه التى قسمها النصف بالنصف في أناء من بلاستيك وقدمه الي كلبه ، وتناول حظه منه ، ومن علبة إحدى المعلبات الفارغة الصدئة الملأ بالماء ، تناول جرعتين مضمض بهما فمه واستلقي في عنقريبة متوسداً لبدة حماره متغطيا ببقايا خرجة القماش قاتلة الرائحة , ونظر الي كلبه الذي يقبع من تآل رأسه وأمام وجهه ، وتمتم قائلا سامحنى كلبي الوفئ إن كنت قد ظلمتك ....... نم ايها الرفيق وما انا وأنت سوى مخلوقان ضعيفان مأموران ، فحسبنا الله ونعم الوكيل0
نام ونام ونام وشبع نوم (والليل طويل علي باكيه) صحى باكراً علي زغزقة عصافير شجرة نيم الجيران ، نهض واخذ يردد اصبحنا واصبح الملك لله اللهم أجعلو نهار خير وأرزقنا يارحمن يارحيم وصلي توجه جهة زريبة معيزه وأطلقها بعد ان قام بحبس الصغار بالمخزن المعهود جريا علي العادة ، اخذ يحدث نفسه انا الليله احسن آخذ لى مشية علي السوق اصلي لي زمن ما مشيت ليهو ، وقرفت من قعت البيت ومليل الحجر انا زاتى مريوق ومكوفر من أمس العصر ما ضقت لي زاد امكن ألقالي ودحلال اجود علي بي لقمه ، توكل علي الله وخرج شاقاً طريقه صوب السوق من أقصر الشوارع وبين أذقة الحله وبينما هو يسير الي أن شارف علي دخول السوق ألا وإنزوى جانباً الي حائط وجلس تحته ليري ويتأمل في مالم يكن يدور بخلده ولم يطلعه عليه أحد من قبل ، حيث شاهد ولأول مرة الطلبة والطالبات وهم يتجهون صوب معاقل العلم في مجموعات ولمراحل تعليمية مختلفة كل مجموعة ترتدى زياً خاص بها علي غير العادة التى كان يري فيها طلاب الحلة وهم بالجلابيب البضاء ، واناس يتوافدون من كل حدب وصوب خليط من البشر رجالا ونساء صغارا وكباراً ووجهتم واحدة ألا وهى السوق فاليوم يوم (سبت) والسبت يوم دون الايام ومميز بالحله فهو يوم سوقها حيث يتوافد الناس اليه من القرى والأرياف المجاورة وعلي الأغلب بدوابهم ، مع القليل من سيارات لمن هم أبعد جهة ، وترآى له العكس هذه اللحظة اذ أن أعداد السيارات أكثر من الدواب والجموع غفيرة تختلف الي كل شئ اللبس المنظر ، مشهد تمتزج فيه عفة المرأة بعنفوان الرجل ، ويختلط فيه الحابل بالنابل في غير استحياء ودون وازع وبلا حاجز او مانع مشاهد ليست كما عهد تربي وترعرع عليها حتى غدا صبيا فرجل وحتى مرحلة ما بلغها الآن من عمر ، جلس ينظر الي ساحة السوق الوسيعة المكشوفة سابقاً والتى كان ينكشف ما بداخلها قبل ولوج باطنها ، كل شئ متغير الرواكيب مفارش الأرض التى كان يعرض فوقها المباع لا وجود لها ، وشغل حيزها باكشاك وطرابيز خشبية ، الدكاكين التى كانت تحتضنها الجهات الأربع تضاعفت العشرات ، فعادت اليه كآبته سريعا رجع الي صمته وجموده وانتابته خاصية النظر بعمق فمكث يتجول ببصره في كامل محيط السوق ، خضم لا ينتهى من المبان المشيدة حديثا مدارس مرافق محال تجارية ورش محطات قود ، لا اثر لشي من ماكان متجسد ومتبلور بمخيلته وذاكرته لعشرات السنين طيلة عمره كل شئ متغير ، حتى نقطة البوليس التى كان يظن أنها من المخلدات في الأرض بحكم انها وحسب فهمه انها وبرمزيتها الجبوريتية تمثل الحكومة اذ ركز جهتها كثيرا فلم يجد لها بقية من باق ، وهنا أدرك جليا أن الأمر به ما يشوبه ويؤكد ويستوجب رهبته وخوفه فاستدار خلفه ونظر الي الحى الذى هو داخل نطاقه والي الذى قدم منه فلربما تكون قد تغيرت ملامحهما هما بدورهما ولم يلحظها او لم يدركها ، وأزدات دهشته وبلغت قمتها حين تراءت له أعمدت الكهرباء الممتدة بكل طريق سلكه ولم يفطن إليه ، وكان يمر عليها مرور الكرام ولم يعيرها انتباها ولم تلفت هى بدورها نظره ذلك لأن الكهرباء في حد ذاتها ماكانت تعنى له حاجة لأنه لم يؤثر فيها ولم تؤثر هي بدورها في نمط حياته وبالتالي فهى لا تعنيه بشئ إن كانت أو لم تكن ولما الفطن لها ؟، وظل يتفحص محيطه الذي يقبع فيه ولشد ما جذبته تلك الأطباق والصحون (أجهزة الاستقبال الفضائي) المعلقة بجدران الحيط وأسطح عال المنازل واخذ يدققها ويتفحصها بنظره ولا يعرف لها تفسيرا ، واصل سيره صوب السوق الي أن بلغه وما أن توسطه حتى تشابهت لديه النعاج ، انبهارا وتعجب وعندها أيقن أن في الأمر شئ لابد التحقق منه ، فعزل حال نفسه عن خليط البشر المتجانس اشكالا وألوان وغير المتجانس إختلاطاً نساء وذكور ، وناشد ربه سرا ياربي تلمنى فيك ياود أخوى ، انزوى جانبا واخذ يسترق النظر بين المارة وبينما هو علي هذه الحال فإذا بشخص يقترب منه وينادى ياعم .... غريبه الليله الجابك السوق شنو ، فإذا بإبن اخيه يدنو منه وبادله الرد سريعاً وفي عجالة تعال تعال الله جابك لي من السماء وحلس إليه ابن أخيه : ودار بينهما حديثاً شيقا ، حديثا ذو شجون بمدلول معان وأصالة حكم وبفهم ، حديث جاءت كلماته كالعقد المنضوم بالدرر . قول لي ياود أخوى الليله الحله الحاصل عليها شنو ، رد عليه ود أخوه: وما بها الحله في شنو ياعم ! إت ماك شايف اللنا شايفو ده وتقول لي الحله مالا وفيها شنو ، وبكى العم ، أطبق عليه ود أخوه وضمه اليه وبداء يهدئ من روعه ويسأله في شنو ياعم ورينى مالك أنا ما فهمت بتقصدشنو وبدور شنو ، سحب العم جسمه الهزيل من ود اخوه وقال له وكت ما بدور تورينى الحاصل شنو فكنى النمش أأتر غنيماتى ما ابقي عليهن البحصل قدام عيني ، ديل اصلو مالي غيرن وما ببقي براهن ، وضمه ود أخوه إليه مرة ثانية وصار يطبطب عليه ويهدى من روعه ، واخذ يشرح ياعم الحله دى والسوق ده ما تغير الليله الكلام ده ليهو سنين وانت اصلك براك العايش في كوكب خاص ودنيا غير دنيا الناس لا بتدخل ولا بتمرق ، الحله البتقولا دى انتهت زمان وبقوها مدينه وكل الشايفو فيها ومتغير عليك ده ما عملوه في ساعة واحده ، الكهرباء والمويه الكنا بنحلم بيهن دخلت كل البيوت ، وبنوتنا ووليداتنا بقو ما بسافروا للقارية برات الحله ، والشفخانة الكت بتتعالج فيها بقوها استباله ونقطة البوليس الفيها تلاثه عساكر البتخاف منهم شالوها وبقت مركز سموه حق الشرطه وفيها عساكر كتار ومعاهم ضابط عندو دبابير ، وعندهم عربيات عشان اسكو بيهن الحراميه والسوق أب اربعة صفوف بقي كلو دكاكين ، اها كفاك ولا ازيدك. لا تزيدنى ولا بدور لي زياده كفايه الخلعه والخوفة الدخلتنى علي معيزى ، قالها وحاله مابين الضاحك ويائس ، وما بين العابس المتعجب ، وأردفه ود أخوه قائلاً كدى قوم من قعدتك دى ارح الكافتيريا النفطرك ماك جعان. إن جيت للحق جعان ومريوق عِلا قول لي الكفتيريا دى شنو؟ (دى محل عصيرات واكل) والله انا قايلك بدور تأكلنى كفتيرة الشاى وضحك ملئ شدقيه ضحكا لم ينظر مثله بفيه من قبل .
دخل معه الكافتيريا وطلب إفطارا وعصيرا وسأل ود أخوه ؟ اسي قلت لي الحله بقت مدينه ؟ آي . اها الحاجات الجابوها ليكم دى كلها بي قروش ولا مجان؟ مافي حاجه اسمها مجان. نان السواها ليكم منو؟ فيها حاجات سوها ناس الحله براهن/ وحاجات جابتن الحيكومه. اكان كدى حاجات الحيكومه دى بدوكن ليها بلوشي! ياعم قلت ليك مافي حاجه برا قروش حتى الحاجات السوتن لينا الحيكومه ناس الحله ساهموا معاهم وبدفوا الناس غليها قروش . ناس الحله مُِنن!!! البدفعوا قدر الحيكومه ياحليل الناس الكانو بدفعوا ، واسع الحله هى فضل فيها زولاً ماعندوا مسعوليه شايلا ومو قادر عليها؟ والفائده منها شنو كان بقت بفروش يعنى هى الناس ناقصه هم وغم؟ ياعم وانت الصادق زمان كان العيل هم ابوه جيبت دلقان الشنطه البسوه من بقية الملاية ولا الدلقان المانافع في البيت وبالكتير اجيب ليهو قلم رصاص واستيكه والمدارس بتم الباقي ، وزمان كان العيان مننا بودوه الشفخانة بتعالجوا وكان مافيها علاج بتحولو للخرطوم ، وزمان ....وزمان.... ، رد العم عان زولك بدور تورينى زمان انت ود الليله ، اها النقول ليك اخر كلام عندى ، الناس ياود اخوى من يوم ما قفلت حيشانا عليها ، والناس من يوم مابقت تجيك في الموت واقفه علي حيلا ، والناس من ما بقت تسوى الواجب لي الفشخره والبوبار ، والناس من ما بقت تاكل وجيرانا جعانه ، والناس من مابقت شغلتا فلان قال وعلان قال ، والناس من ما بقت تقابلك يوم عيد الله والتكنك كت نايم عندهم ، والناس من ما بقت فرقه وفرقتين وجمعتن مستحيله ، مو كان جرولن المواسير ولا مدولون العمدان ، ومو ان جابولن الكليات والجامعات ومو كان عبدوا ليهن الطرقات ببقو ياهن الناس في سواد ليلن وهجير نهارهم ، شن الفايده في الكهرباء والنور والعيون مابتشوف والبصاير يطبق عليها السواد حقدا وحسدا ، شن الفائده في الجامعات والكليات وكترت المدارس والناس في جهلا وغباها ، قول لي الله بسألك منو البسمع حديثا في محفل خطابُ كثر ؟ ومنو المسئول البستقبل افواجا مثنى وثلاث ، والنقولا ليك لا كهربة بتنعدل ولا موية بتستقيم ولا علم برفع ولا رجاء نحراه كان من والي ولا من ولايه ، مالم تكن الكلمة واحده والهدف محدد والجهة معلومة ، وكتر الله خيرك علي فطور الكفترا ياود اخوى .
أطبق عصاه تحت ابطه واطلق للريح عنان رجليه حوشي أحسن لي وبلمنى ، الرأى تلف ، العيون صابتها الغشاوة الله اقطعنى ، الله لا كسبك ياحجر الحرام ، أها تانى تبقي أبوى أنت إن جيت قعدت فيك ولا مريت بي عندك ساكت ، الدنيا انقلبت وأنا سجم الرماد مانى دارى بي شــــئ ، ود اخوى كمان الله لا كسبو جانى زى ودالحرام (استغفر الله من حقو) وبردلب بردلب قعد اجدع لي في الكلام وفات خلانى راسي مشطوب علي الشطبه الداخلاه ، خوفي كمان كان رجعت ليهو تانى في السوق ازيد لي الطين بله ، واسع ان رجعتلو في السوق وما لميت فيهو اصلو جنو دواحه اسي تلقاه طفشلو علي بلد تانى ، اصلو جنو شندى فوق التقول دافنين صرتو فيها ، أآآآآآى ، شندى فوق هى في رقبتا ما مصيبه ، وصولا بدورلو كارو ولا رقشه ، الحكايه شنو ياربي الدنيا كلها بقبت مقلوبه هسع المدينة البقولوها دى كان قالوا في مسعول من الحيكومه بدور اجيهم اول ما يدخل عليهم اجيهم من تالا ، والمسعول ده ذاتو عشان اعرفا ياها دى مدينتن ولا ماياها إلا بدور ليهو دليل معاه عشان اعرف دخلتا ، والعجب كان المسعول ده جاهم بالليل عليك أمان الله إلا اصبح الواطه في بلد طير عجم ، بجى فوقا فللي اصلا لا يافطه ولا مظله ، والعجب كان جاهم في الخريف (حرم) علا ادخلوه المدينه بالتركرك ، هسع انا ذاتى كان ما فلت شغله ساكت عليّ ، جنس النضمى ده سببي عليهو شنو امكن المو فينى البواليس ديل ادخلونى الحراسه اقولو بنضم في السياسه ، وناس المدينة زاتن اقولوا سوالو نضمى وفتحلو باب سيبك منو ده زول فاضي ساكت ما لاقي ليهو حاجة انضم فيها ، ، وهو كلاموا منو البدور اسمعو ولا اجيب خبرو ، وواحدين اقولو خلوه امبح ده زول مخرف ومعتوه ساكت ، علا كمان السكات في الغلط هو زاتو غلط ، خليهن اقولو البدورو انا مغستى الدخلتنى بفشها بفشها البدور ازعل ازعل والبدور انطق انطق وصاحب العقل بميز .
ها اخوانا انا ماسرحت الله انعلك يا ابليس كدى النشوف لي طريقه ألم فيها في ود أخوى ، وبينما هو في طريقه سائر باتجاه عودته من السوق مر علي بعض الصبيه اختار من بينهم واحدا ، واخذ يناديه هو ياجنوى التفت الجميع ومن ضمنهم الصبي الذي قصده ، وناجاه انت هول منو (انت ود منو) رد عليه الصبي بكل لؤم وقبح : أنا ود ابوى انت عاوز شنو ، ياولد انت مطموس ولا شنو ؟ شن بدوربك بدور اقول ليك ان بقيت ماش علي السوق وقابلك ود أخوى قولو عمك بدورك تعالو علي الحوش ، ان وصلتها بارك الله فيك وان ما وصلتها بارك الله فيك ، سمح يا عم ، كان لاقيتو بكلموا ، ياولد تعال تعال قرب علي انت الشايلو في ايدك ده وحاميك ترفع راسك تكلمنى ده شنو ؟ ده جوال (لا إله إلا الله) شوال شنو عيش ولا دقيق ، حتى الشوال بقيتو تشيلو في الليد علي زمانا الشوال بشيلوه في الضهر وما بشيلوه الا العتاله وكمان لامن ارفعوه معاه راجلين (ضرب يديه) اليمنى باليسرى تعجباً ، الباقي ليكن شنو في الحله لليلية ما غيرتو ، ضحك الصبي وقال له ياعم ده جوال جوال جوال يعنى تلفون دى حاجات بعيده علي امثالك ، تلفووووووووون ، وبتنضم بيهو كيفن وات واقف علي طولك وماشي في الطريق ، وينو سلكو .... ياناس الحله الحقونيييييييييييييييي ، صاح بأعلي صوته من هول ما سمع وشاهد .
ياناس الحله الحقونى هكذا صاح من كتر وهول المصائب التى أخذت تتقاذفه من ود اخوه تارة وما شاهده آنفا تارة وما بلغ مسمعه من الصبي ، ما قدامك يالشقي المتعوس الا تروح حوشك (هكذا كلم نفسه) وتقطع كراعك دى طب لا مرقه ولا دخله أقعد مع غنيماتك لمن أجيك الموت وترتاح من البلاوى البتتحادف عليك دى من كل جهة ، لكن أنا كمان وسخان ومعفن ولي كم صباح ما كبيت لي كوز مويه في جلدى علي موية الضوء – كدى الناخد لي مشيه علي البحر (النيل) اتبرد واجى انطبل في حوش السجم والرماد .
أخذ طريقه الي مكان بعينه في البحر ، حيث عهد وتمرس عليه ومنذ ماضي ليس بعيد أن يأتيه ، مكان بعينه يلتقي فيه الصبية والشباب لأجل الحمام نهاراً ، أو قضاء أوقات أنس وسهر ليلاً ، شارف علي وصول البحر ولكنه لم يلحظ مسلكا أو معبرا يوصله الي حافته كما هو معتاد ، فتلك المسالك والمعابر التى كانت تدخلك اليه فقد سدت حتى الأثر منها قد تلاشي ، ماعدا القلة من بعض ممرات ترالات الماء التى تجرها الحمير. وما كان ذلك ليحدث إلا بأحد عاملين أولهما بسبب الطمى الذى تناقلته سنوات الفياضانات والتى سرعان ماتزول لاهتمام الناس به ، وثانيهما نباتات العشر التى تراكمت أمامه وبكثافة غير عادية حتى جعلت من نفسها فاصلا بينه والمدينة (زعماً) ، وما التوسع العمرانى الذى تمدد وقارب الإلتصاق به ببعيد ، تلك المساحات الفاصلة بينه وبينها التى كانت بمثابة المرتع الخصيب للبهائم خريفاً ، وملاعب كورة ومساحات للتنفس للساكنين ، أما اليوم فما من كائن تستطيع الرياح حمله إلا وقد علق بتلك الشجيرات ، هذا بغض النظر عن كونها صارت مكانا مميزاً وموقعا ممتازأ لكب المخلفات والأوساخ .
وقف التفت يمينة فيسرة ثم قال (الله المستعان) ، هو الحله عشان تبقي مدينه يعنى لازم تتسجم وتترمد حالها وإلا ما يبقي حديث ، منعول أبو الحمام علي ابو دى حاله ، النمش ارد لي مويه من العد واتبرد في الطشت ، خوفي امش للبير والقاها كمان سولن فيها مصيبه ، وإبان عودته الي حوشه ، اخذته العزة والهاشمية بنفسه وقال والله الليله ياود أخوى إن بقيت طرت السماء علا أحصلك وعلا اسوقوك معاى علي محل العساكر الجديد والاستباله وتورينى كل الحاجات السوتا الحيكومه ولا كان سوها الناس براهن ، اها يالسوق جاك زول وأسرع خطاه وولج لبه ، يتسلل ويتقاطع مع المارة بداخله في خفة وبعنفوان لم يعهدا عليه بحثا عن ود اخوه ، ومكث غير بعيد فإذا بود اخوه ينادية ثانية وين ياعم ما قلت ماش الحوش الجابك شنو تانى ؟ تعال لي هنا تعال تعال ، بطلتو مشي الحوش وقسمت بي الله الكلام البديتو معاى علا كان أحددو معاك ، اول حاجه ارح ورينى كل شئ القلتو وما قلتو ، واول حاجه محل العساكر والاستباله ولف بي كل السوق واطلع بي لي قدام النشوف المبانى الجديده ديك كلها ، وانا عارفك مستهبل بتقول لي مشغول ، انا بدفع حق الكارو ولا الرقشه ، انت ياعم نسيت انو انا عندى رقشه بس حظك تعبان خسرانه ليها يومين ووصيت للاسبير في الخرطوم لليله ماجبوه لي علا مافي مشكله بتوع الرقشات كلهم أصحابي ارح بنركب مع اى واحد والف بينا .
اخذه ود اخوه في جولة مكوكية مروراً بمركز البوليس ومبانى المحلية جولة بدأت بالوقوف علي السوق متعرفا علي كل الروافد والمستدجات ، ثم المدارس شرقاً ، فشندى فوق وانتهى به عند الاستباليه . وهنا قال له ود اخوه ياعم دى فرصه وكت الله جابك لحد الاستباله الندخلك علي الدكتور نعمل كشف ، كشف شنو اكشف حالك مالي قلت ليك عيان ، علا كان بدور تقرضنى ، شوفتى ليها ساكت كفايه ، يعنى ارجعك خلاص كفاك ، اى رجعنى بدورنى ابيت فيها وأهمل معيزى ، يا ود اخوى قبيل وكت كنا مطرفين في سهلة الاستباله سمعت لي ناس اقولوا الاستباله أخير عدما وفاضيه التكتح ما فيها أحسن نسوق زولنا ونمش الخرطوم ، اها كلامن ده صح ولا شنو المعنى ، صحيح وستين صحيح اصلها ساونها منظر ساكت وما بتعالج فيها علا الناس الجايين من بره وظروفن متل حالى وحالك وما عارفنها شايفين القبه وقايلين فيها فكى ، ولا إكون ماعندهم قدره علي سفر الخرطوم وماعندهم حق العلاج فيها ، وساونها لشنو والقعده والقومه من قبيل لي شنو؟ خرجا معاً وسائق الرقشة ثالثهما باتجاه المدينة وفي طريق عودته قال لود اخوه ات المقابر الكانت قدام الحله (كلمة مدينة لم تركب بمخيله للحين) كمان شالوها وين ودوها؟ ، ياعم انت جنيت عديل حقو نوديك الخلوه نربطك مع المجانين في مقابر بحولوها ماياها ديك قدامك ما بتشوفا ، الله بسألك ياها دى هى مابقت وسط الحله ، أستغفر الله ، والناس طالعه ونازله فيها وكمان بنوا حوليها ، وكان ما اخاف الكضب اقول في ناس دخلوها علي حيشانن ، ياها ذاتا ولي اسع بدفنو فيها ، يا ود اخوى القيامه بدور تقوم الناس بقت تدفن امواتن قدام بيوتن ما بخافوا منها المقابر دى ، نحن زمان بعد المغرب البدوه 100 جنيه ما بجى بيها ، مدينكم تطير عليكم ، والله ندمتنى علي جيتى ، وكت قلت ليك ارح ورينى الحاجات الجداد السمحه السوتا ليكم الحيكومه ولا كان سوها ناس الحله براهن كت قايل بشوف لي شيتن سمح زى البسمع بيهو في خشوم الناس وكت تجى في الباص من الخرطوم الحاجات الفيها بقولوا المدينة كدى ولا بلاش ، زى شنو الحاجات البتسمع بيها دى ياعم علي قول الناس المدينه فيها النوادى ومحلات الأفراح وفيها الحاجات البتقدم الناس ، الخدمات الصحه والرعاية للنسوان الحمل والحاجات توفر رفاهية وراحة المواطن (رفاهية .... ياسلام عليك الكلمة دى جبنتها من ) بسمع الناس بقولوها ، وكمان فيها حاجات وحاجات وحاجات كتيره شن خبرنى بيهن بعرفوهن الجنوى الفاهمين وماسكين القلم وجنس النضمى ده بنجضوه بالحيل ، مو ناس قريعتى راحت .
حثتنا ياعم ، بحلاوتها الممزوجة بمرارتها ، وبراحتها الممزوجة بعنائها ، فكم ظننا معك أن التمدن نعمة ولكنه أفرد لنا شراسته ، وحدانا الأمل كما تأملت لذاتك ، أن لا تكون ثمار العلا سلة دون بيض ، ولا أن يكون الحصاد زهرة بلا ورد ، فقد تيقنت بتمعن وأنت تسترسل ، وتسألت كيف يكون وقعها ، بعفوية تعابيرها وتجلي مضامينها ، أو حتى بقبيح مفرداتها وشذاجة ألفاظها إن إعتقدها الآخرون ، كيف يكون رد فعلها علي ذات لئيمة متمردة أبت إلا وأن يكون سبيل الحال تخاذل وغاية الرقي أمان ، ومن خلفنا أجيال تتطلع إلينا لا أن يضيع حقها ، تلكم الذات التى أرادت قتل بسمة طفل أدنى مايمكن أن تثمره ، أنها لو طلت علي جرداء الأرض لأخضرت وأينعت ، ولو بثت بفيافي وقواحل الصحارى لروتها .
لك العتبي أيها العم ، وختاما فإن كان لا بد من كلمة إطراء تقال في حقك عرفانا وثناء ، فالذخر لك الي أبد الآبدين ، فقد رفعت لنفسك بعد موتك ذكرها ، وما ذكر المرء بعد الممات إلا وعمر ثان ، نم عمنا هانئاً غريرا فالحق لن يموت مهما نال خد مبتغيه من ضرب .
تحياتي
جلس علي وسيرته التى اعتاد الركون إليها كلما دب الي نفسه السأم والملل وتملكه الضجر في غير ميعاد بذاك الحجر القابع بركن الدكان وسط الحى بجانب الخور ، جلس عليه وأسند خده الأيسر الي ذراعه اليسرى يطالع السماء الملبدة بالغيوم قبل ساعات الغروب التى بدأت تدنو ولازلت الشمس ترسل أشعتها بين الفينة والأخرى متسللة تلك الغيوم التى بدأت تكثر وتزداد كثافة وتتشكل بألوانها الثلاث الأييض والرمادى فالأسود موحية بمشيئة الله بنزول الغيث ، وما برح يطالع السماء تارة وتارة أخرى يمنة ويسري يشاهد متأملا في المارة من اهل الحله وهم يروحون ويجيئون في غير كلل ودون ملل وصمته يكاد يقتله تلكم نسوه أمهات وصبايا ، وهؤلاء رجال شيوخ وشباب ، وأطفال يتمرقون في التراب ، لا يندب حظه بقدرما يتأمل ويقرأ الفارق بينه وبينهم كم هو في حال وهم في شأن – انها ارادة الله .
تنهد بصوت مسموع صوت ألفه كل الناس عنه ولا من أحد يجرؤ عن سؤاله علاما الضجر (ياعم ودراوه) ذلك لأن أخذ إجابة عنها منه أبعد من المستحيل فحياته صمت وجليسه الوحدة وحديثه النظر ، ويعود وينظر الي السماء وقد أطال هذه المرة وما أن رجع بنظره الي مادونه إلا وأجهش باكياً وأنسكب الدمع من عينيه ليسيل بخديه علي وجهه الشاحب الحزين ، بكى وبكى وبكى ، فكم تمنى أن ينزل المطر وترتوى الأرض فتسيل جداولها وتمتلي خيرانها ويخرج ماهو كامن بباطنها أو مختبئ بين بمخابئها المنظورة وغير المنظورة ، كم تمنى نزول الغيث فترتوى الأرض وتكتسي بثوب الخضرة عشباً لترعى الأنعام وتشبعها فتجود بخير الضرع الوفير ، تبلورت بذاكرته القديمة الجديدة ملحمة خروج الرجال والشباب في ذاك الزمان كل علي حده ممتشقاً دابته المحملة بفطور العصيدة وكورة اللبن ومعول الزراعة (السلوكة والتيراب) من بعد الفجر متوجها الي حيث الزراعة والجهاد ثم الحصاد والنجاح ، وهناك قلة من الآباء ممن يحملون الي جوارهم وخلف ظهورهم بعض الصبية علي دوابهم .
هبت الرياح شديدة قوية عصفت بكل ما تجمع من بشائر الخير (انها إرادة الله) وساقتها الي بلد آخر وبرحيل الغمام رحل أمله ولكن رجاءه في ربه لن يخيب ، وقبل الغروب ببضع دقائق جمع أطرافه ، عصاة من بقايا أعود من حطب كان يجلبها للإستعانة بها في اشعال نار الطبخ وغيرها ، ولفافة راس عبثت بها المقادير تمزقاً وإهتراءً واتساخاً ،صوب وجهه الي جهة داره حيث عنقريبه المطروح بداخل حوش من غير لحاف ، وإن كان ثمة لحاف فهو لحاف من غير ملاءة ودون وسادة ، حيث لا زوجة ولا أبناء ، حيث لا أب ولا أم ، الأم التى كانت تملاء حياته وتسعد دنياه وتشغل كل حيز من فراغه تؤنس وحشته وتسد حاجته وتروح عنه متى ما أحست بلوعته وكآبته ، عاد الي حيث كانت أمه ملازمة لعمله في كل ليلة وفي مثل هذا الوقت عند الغروب ، الي حيث يشتم عبقها وتتجسد روحها عاد الي زريبة المعيز التى رجعت لتوها من السرحة ، ترغو تركض وتضج وتملاء الحوش حياة وإنسا علي الرغم من السواد الذي يخلفه الظلام الموحش المخيف داخله وحوله ، منادية لصغارها المحبوسون بمخزن يكتنفه الظلام ويحفه هو بدوره أيضا ، وهم يبادلونها الصياح والطرق علي باب المخزن المغلق عليهم . في عجالة ودن ارتخاء او تأخير لبي النداء وفتح الباب الموصد علي الصغار فتحرروا والتحقوا بأمهاتهم ، وهدأ كل شئ سكون قاتل هدوء رهيب ، كيف لا وكل ماعز قد إختصت بوليدها الذي يتلاعب بذيله فرحا بضرع أمه الممتلئ بالحب والخير الذي أنتظره طيلة ساعات غيابها ، وتبادله أمه الحب حباً والحنان حنا وهى تلتفت اليه كل لحظة وأخرى لتشتم رائحته لتتأكد من أنه وليدها والأحق بهذا الحب وهذا القدر من العطاء .
وفي غير تردد وبنهم قوى أتى بطاسة معدنية لا يعرف أصل ومكنون معدنها أألمنيوم هى أم نحاس ، أحديد هى ياربي أم أستيل ، لكثرة ما تراكم عليها من سواد جراء الحرق والتسخين ، جلس جنباً الي جنب مع الصغار خلف المعيز ليتقاسم معهم العطاء غير المجذول في غير منٍّ من حليب ، وكلما اشتد نهم الرضيع وأزادت رغبته رضاعة كلما أسدته مزيداً وأزداد هو نصيباً ، وهكذا الي أن تناوب عليهن جميعا جامعاً ما تيسر وبما جدن به حميعهن عليه
توكأ بطاسة لبنه في عتمة هذا الظلام الي حيث يدرك ويعى ما يريد وأين يقصد ، الي مكان غير بعيد عن الزريبة الي الراكوبة حيث جلس الي بقايا كومة من حطب ورماد وقليل من ورق جرايد قديمة وكرتون ممزق يجمعه في مشيئه ومجيئه متى ما تيسر ذلك ، وأوقد نارأ وضع عليها طاسة لبنه حتى أخذت من الحرارة بقدر ما إكتسبت منها ، ثم نهض وطاسة لبنه بيده وذهب بها أيضاً الي حيث أعتاد أن يضعها وليتناولها بعد أن يؤدى فريضة العشاء ، والي جوار عنقريبه بوسط الحوش الموحش المخيف حالك السواد كان يرقد من تآل رأسه وقبالة وجهه كلبه الهزيل الأجرب كثير العوى والنياص تمرقاً من الجوع الذي لا يجد مانعاً يحول بينه والذهاب ولو بعيدا في طلب قوته ومايسد به حاجته ، ولكنه آثر إلفة ورفقة صاحبه الذي يقاسمه اللقمة متى توفرت ، فهانت عليه نفسه دون الإستغناء عن رفيق عمره .
جلس الي عنقريبه وحينها كان عائدا من مخزن حيث كان الصغار مغلق عليهم إذ دلف إليه بعض أن أدى فريضة صلاة العشاء في غير خوف ودون مبالاة أن يلدغه سارب من سوارب الليل التى تعج بها الحله وخصوصا في مثل ظلمة كهذه ، وعاد وفي يده ما يوحى أنها مخدة ، وحقيقة ليست بالمخدة التى نألفها ، فلقد كانت بقية من لبدة كان يضعها علي ظهر حماره الذي هلك ، حين كانت الحاجة تدعوه ليمتطيه ، وشئ آخر كالثوب ولكنه ليس بثوب وليس بشبه الثوب بل قطعة من قماش تفتقر للون من طول أمد قربها من الماء ، وكثرة ما علق بها من كل ما من شأنه أن يتسخ بسسبه الثوب ، أما رائحتها فلا بالكاد الإقتراب منها ، انه الغطاء الواقي الأوحد من ليل لربما يبرد , وإنه الغطاء المتاح المتوفر لدرء لدغات البعوض الذي يكثر ويزاد ضراوة كلما ازدات الكتمة واحكمت قبضتها .
تناول طاسة لبنه التى قسمها النصف بالنصف في أناء من بلاستيك وقدمه الي كلبه ، وتناول حظه منه ، ومن علبة إحدى المعلبات الفارغة الصدئة الملأ بالماء ، تناول جرعتين مضمض بهما فمه واستلقي في عنقريبة متوسداً لبدة حماره متغطيا ببقايا خرجة القماش قاتلة الرائحة , ونظر الي كلبه الذي يقبع من تآل رأسه وأمام وجهه ، وتمتم قائلا سامحنى كلبي الوفئ إن كنت قد ظلمتك ....... نم ايها الرفيق وما انا وأنت سوى مخلوقان ضعيفان مأموران ، فحسبنا الله ونعم الوكيل0
نام ونام ونام وشبع نوم (والليل طويل علي باكيه) صحى باكراً علي زغزقة عصافير شجرة نيم الجيران ، نهض واخذ يردد اصبحنا واصبح الملك لله اللهم أجعلو نهار خير وأرزقنا يارحمن يارحيم وصلي توجه جهة زريبة معيزه وأطلقها بعد ان قام بحبس الصغار بالمخزن المعهود جريا علي العادة ، اخذ يحدث نفسه انا الليله احسن آخذ لى مشية علي السوق اصلي لي زمن ما مشيت ليهو ، وقرفت من قعت البيت ومليل الحجر انا زاتى مريوق ومكوفر من أمس العصر ما ضقت لي زاد امكن ألقالي ودحلال اجود علي بي لقمه ، توكل علي الله وخرج شاقاً طريقه صوب السوق من أقصر الشوارع وبين أذقة الحله وبينما هو يسير الي أن شارف علي دخول السوق ألا وإنزوى جانباً الي حائط وجلس تحته ليري ويتأمل في مالم يكن يدور بخلده ولم يطلعه عليه أحد من قبل ، حيث شاهد ولأول مرة الطلبة والطالبات وهم يتجهون صوب معاقل العلم في مجموعات ولمراحل تعليمية مختلفة كل مجموعة ترتدى زياً خاص بها علي غير العادة التى كان يري فيها طلاب الحلة وهم بالجلابيب البضاء ، واناس يتوافدون من كل حدب وصوب خليط من البشر رجالا ونساء صغارا وكباراً ووجهتم واحدة ألا وهى السوق فاليوم يوم (سبت) والسبت يوم دون الايام ومميز بالحله فهو يوم سوقها حيث يتوافد الناس اليه من القرى والأرياف المجاورة وعلي الأغلب بدوابهم ، مع القليل من سيارات لمن هم أبعد جهة ، وترآى له العكس هذه اللحظة اذ أن أعداد السيارات أكثر من الدواب والجموع غفيرة تختلف الي كل شئ اللبس المنظر ، مشهد تمتزج فيه عفة المرأة بعنفوان الرجل ، ويختلط فيه الحابل بالنابل في غير استحياء ودون وازع وبلا حاجز او مانع مشاهد ليست كما عهد تربي وترعرع عليها حتى غدا صبيا فرجل وحتى مرحلة ما بلغها الآن من عمر ، جلس ينظر الي ساحة السوق الوسيعة المكشوفة سابقاً والتى كان ينكشف ما بداخلها قبل ولوج باطنها ، كل شئ متغير الرواكيب مفارش الأرض التى كان يعرض فوقها المباع لا وجود لها ، وشغل حيزها باكشاك وطرابيز خشبية ، الدكاكين التى كانت تحتضنها الجهات الأربع تضاعفت العشرات ، فعادت اليه كآبته سريعا رجع الي صمته وجموده وانتابته خاصية النظر بعمق فمكث يتجول ببصره في كامل محيط السوق ، خضم لا ينتهى من المبان المشيدة حديثا مدارس مرافق محال تجارية ورش محطات قود ، لا اثر لشي من ماكان متجسد ومتبلور بمخيلته وذاكرته لعشرات السنين طيلة عمره كل شئ متغير ، حتى نقطة البوليس التى كان يظن أنها من المخلدات في الأرض بحكم انها وحسب فهمه انها وبرمزيتها الجبوريتية تمثل الحكومة اذ ركز جهتها كثيرا فلم يجد لها بقية من باق ، وهنا أدرك جليا أن الأمر به ما يشوبه ويؤكد ويستوجب رهبته وخوفه فاستدار خلفه ونظر الي الحى الذى هو داخل نطاقه والي الذى قدم منه فلربما تكون قد تغيرت ملامحهما هما بدورهما ولم يلحظها او لم يدركها ، وأزدات دهشته وبلغت قمتها حين تراءت له أعمدت الكهرباء الممتدة بكل طريق سلكه ولم يفطن إليه ، وكان يمر عليها مرور الكرام ولم يعيرها انتباها ولم تلفت هى بدورها نظره ذلك لأن الكهرباء في حد ذاتها ماكانت تعنى له حاجة لأنه لم يؤثر فيها ولم تؤثر هي بدورها في نمط حياته وبالتالي فهى لا تعنيه بشئ إن كانت أو لم تكن ولما الفطن لها ؟، وظل يتفحص محيطه الذي يقبع فيه ولشد ما جذبته تلك الأطباق والصحون (أجهزة الاستقبال الفضائي) المعلقة بجدران الحيط وأسطح عال المنازل واخذ يدققها ويتفحصها بنظره ولا يعرف لها تفسيرا ، واصل سيره صوب السوق الي أن بلغه وما أن توسطه حتى تشابهت لديه النعاج ، انبهارا وتعجب وعندها أيقن أن في الأمر شئ لابد التحقق منه ، فعزل حال نفسه عن خليط البشر المتجانس اشكالا وألوان وغير المتجانس إختلاطاً نساء وذكور ، وناشد ربه سرا ياربي تلمنى فيك ياود أخوى ، انزوى جانبا واخذ يسترق النظر بين المارة وبينما هو علي هذه الحال فإذا بشخص يقترب منه وينادى ياعم .... غريبه الليله الجابك السوق شنو ، فإذا بإبن اخيه يدنو منه وبادله الرد سريعاً وفي عجالة تعال تعال الله جابك لي من السماء وحلس إليه ابن أخيه : ودار بينهما حديثاً شيقا ، حديثا ذو شجون بمدلول معان وأصالة حكم وبفهم ، حديث جاءت كلماته كالعقد المنضوم بالدرر . قول لي ياود أخوى الليله الحله الحاصل عليها شنو ، رد عليه ود أخوه: وما بها الحله في شنو ياعم ! إت ماك شايف اللنا شايفو ده وتقول لي الحله مالا وفيها شنو ، وبكى العم ، أطبق عليه ود أخوه وضمه اليه وبداء يهدئ من روعه ويسأله في شنو ياعم ورينى مالك أنا ما فهمت بتقصدشنو وبدور شنو ، سحب العم جسمه الهزيل من ود اخوه وقال له وكت ما بدور تورينى الحاصل شنو فكنى النمش أأتر غنيماتى ما ابقي عليهن البحصل قدام عيني ، ديل اصلو مالي غيرن وما ببقي براهن ، وضمه ود أخوه إليه مرة ثانية وصار يطبطب عليه ويهدى من روعه ، واخذ يشرح ياعم الحله دى والسوق ده ما تغير الليله الكلام ده ليهو سنين وانت اصلك براك العايش في كوكب خاص ودنيا غير دنيا الناس لا بتدخل ولا بتمرق ، الحله البتقولا دى انتهت زمان وبقوها مدينه وكل الشايفو فيها ومتغير عليك ده ما عملوه في ساعة واحده ، الكهرباء والمويه الكنا بنحلم بيهن دخلت كل البيوت ، وبنوتنا ووليداتنا بقو ما بسافروا للقارية برات الحله ، والشفخانة الكت بتتعالج فيها بقوها استباله ونقطة البوليس الفيها تلاثه عساكر البتخاف منهم شالوها وبقت مركز سموه حق الشرطه وفيها عساكر كتار ومعاهم ضابط عندو دبابير ، وعندهم عربيات عشان اسكو بيهن الحراميه والسوق أب اربعة صفوف بقي كلو دكاكين ، اها كفاك ولا ازيدك. لا تزيدنى ولا بدور لي زياده كفايه الخلعه والخوفة الدخلتنى علي معيزى ، قالها وحاله مابين الضاحك ويائس ، وما بين العابس المتعجب ، وأردفه ود أخوه قائلاً كدى قوم من قعدتك دى ارح الكافتيريا النفطرك ماك جعان. إن جيت للحق جعان ومريوق عِلا قول لي الكفتيريا دى شنو؟ (دى محل عصيرات واكل) والله انا قايلك بدور تأكلنى كفتيرة الشاى وضحك ملئ شدقيه ضحكا لم ينظر مثله بفيه من قبل .
دخل معه الكافتيريا وطلب إفطارا وعصيرا وسأل ود أخوه ؟ اسي قلت لي الحله بقت مدينه ؟ آي . اها الحاجات الجابوها ليكم دى كلها بي قروش ولا مجان؟ مافي حاجه اسمها مجان. نان السواها ليكم منو؟ فيها حاجات سوها ناس الحله براهن/ وحاجات جابتن الحيكومه. اكان كدى حاجات الحيكومه دى بدوكن ليها بلوشي! ياعم قلت ليك مافي حاجه برا قروش حتى الحاجات السوتن لينا الحيكومه ناس الحله ساهموا معاهم وبدفوا الناس غليها قروش . ناس الحله مُِنن!!! البدفعوا قدر الحيكومه ياحليل الناس الكانو بدفعوا ، واسع الحله هى فضل فيها زولاً ماعندوا مسعوليه شايلا ومو قادر عليها؟ والفائده منها شنو كان بقت بفروش يعنى هى الناس ناقصه هم وغم؟ ياعم وانت الصادق زمان كان العيل هم ابوه جيبت دلقان الشنطه البسوه من بقية الملاية ولا الدلقان المانافع في البيت وبالكتير اجيب ليهو قلم رصاص واستيكه والمدارس بتم الباقي ، وزمان كان العيان مننا بودوه الشفخانة بتعالجوا وكان مافيها علاج بتحولو للخرطوم ، وزمان ....وزمان.... ، رد العم عان زولك بدور تورينى زمان انت ود الليله ، اها النقول ليك اخر كلام عندى ، الناس ياود اخوى من يوم ما قفلت حيشانا عليها ، والناس من يوم مابقت تجيك في الموت واقفه علي حيلا ، والناس من ما بقت تسوى الواجب لي الفشخره والبوبار ، والناس من ما بقت تاكل وجيرانا جعانه ، والناس من مابقت شغلتا فلان قال وعلان قال ، والناس من ما بقت تقابلك يوم عيد الله والتكنك كت نايم عندهم ، والناس من ما بقت فرقه وفرقتين وجمعتن مستحيله ، مو كان جرولن المواسير ولا مدولون العمدان ، ومو ان جابولن الكليات والجامعات ومو كان عبدوا ليهن الطرقات ببقو ياهن الناس في سواد ليلن وهجير نهارهم ، شن الفايده في الكهرباء والنور والعيون مابتشوف والبصاير يطبق عليها السواد حقدا وحسدا ، شن الفائده في الجامعات والكليات وكترت المدارس والناس في جهلا وغباها ، قول لي الله بسألك منو البسمع حديثا في محفل خطابُ كثر ؟ ومنو المسئول البستقبل افواجا مثنى وثلاث ، والنقولا ليك لا كهربة بتنعدل ولا موية بتستقيم ولا علم برفع ولا رجاء نحراه كان من والي ولا من ولايه ، مالم تكن الكلمة واحده والهدف محدد والجهة معلومة ، وكتر الله خيرك علي فطور الكفترا ياود اخوى .
أطبق عصاه تحت ابطه واطلق للريح عنان رجليه حوشي أحسن لي وبلمنى ، الرأى تلف ، العيون صابتها الغشاوة الله اقطعنى ، الله لا كسبك ياحجر الحرام ، أها تانى تبقي أبوى أنت إن جيت قعدت فيك ولا مريت بي عندك ساكت ، الدنيا انقلبت وأنا سجم الرماد مانى دارى بي شــــئ ، ود اخوى كمان الله لا كسبو جانى زى ودالحرام (استغفر الله من حقو) وبردلب بردلب قعد اجدع لي في الكلام وفات خلانى راسي مشطوب علي الشطبه الداخلاه ، خوفي كمان كان رجعت ليهو تانى في السوق ازيد لي الطين بله ، واسع ان رجعتلو في السوق وما لميت فيهو اصلو جنو دواحه اسي تلقاه طفشلو علي بلد تانى ، اصلو جنو شندى فوق التقول دافنين صرتو فيها ، أآآآآآى ، شندى فوق هى في رقبتا ما مصيبه ، وصولا بدورلو كارو ولا رقشه ، الحكايه شنو ياربي الدنيا كلها بقبت مقلوبه هسع المدينة البقولوها دى كان قالوا في مسعول من الحيكومه بدور اجيهم اول ما يدخل عليهم اجيهم من تالا ، والمسعول ده ذاتو عشان اعرفا ياها دى مدينتن ولا ماياها إلا بدور ليهو دليل معاه عشان اعرف دخلتا ، والعجب كان المسعول ده جاهم بالليل عليك أمان الله إلا اصبح الواطه في بلد طير عجم ، بجى فوقا فللي اصلا لا يافطه ولا مظله ، والعجب كان جاهم في الخريف (حرم) علا ادخلوه المدينه بالتركرك ، هسع انا ذاتى كان ما فلت شغله ساكت عليّ ، جنس النضمى ده سببي عليهو شنو امكن المو فينى البواليس ديل ادخلونى الحراسه اقولو بنضم في السياسه ، وناس المدينة زاتن اقولوا سوالو نضمى وفتحلو باب سيبك منو ده زول فاضي ساكت ما لاقي ليهو حاجة انضم فيها ، ، وهو كلاموا منو البدور اسمعو ولا اجيب خبرو ، وواحدين اقولو خلوه امبح ده زول مخرف ومعتوه ساكت ، علا كمان السكات في الغلط هو زاتو غلط ، خليهن اقولو البدورو انا مغستى الدخلتنى بفشها بفشها البدور ازعل ازعل والبدور انطق انطق وصاحب العقل بميز .
ها اخوانا انا ماسرحت الله انعلك يا ابليس كدى النشوف لي طريقه ألم فيها في ود أخوى ، وبينما هو في طريقه سائر باتجاه عودته من السوق مر علي بعض الصبيه اختار من بينهم واحدا ، واخذ يناديه هو ياجنوى التفت الجميع ومن ضمنهم الصبي الذي قصده ، وناجاه انت هول منو (انت ود منو) رد عليه الصبي بكل لؤم وقبح : أنا ود ابوى انت عاوز شنو ، ياولد انت مطموس ولا شنو ؟ شن بدوربك بدور اقول ليك ان بقيت ماش علي السوق وقابلك ود أخوى قولو عمك بدورك تعالو علي الحوش ، ان وصلتها بارك الله فيك وان ما وصلتها بارك الله فيك ، سمح يا عم ، كان لاقيتو بكلموا ، ياولد تعال تعال قرب علي انت الشايلو في ايدك ده وحاميك ترفع راسك تكلمنى ده شنو ؟ ده جوال (لا إله إلا الله) شوال شنو عيش ولا دقيق ، حتى الشوال بقيتو تشيلو في الليد علي زمانا الشوال بشيلوه في الضهر وما بشيلوه الا العتاله وكمان لامن ارفعوه معاه راجلين (ضرب يديه) اليمنى باليسرى تعجباً ، الباقي ليكن شنو في الحله لليلية ما غيرتو ، ضحك الصبي وقال له ياعم ده جوال جوال جوال يعنى تلفون دى حاجات بعيده علي امثالك ، تلفووووووووون ، وبتنضم بيهو كيفن وات واقف علي طولك وماشي في الطريق ، وينو سلكو .... ياناس الحله الحقونيييييييييييييييي ، صاح بأعلي صوته من هول ما سمع وشاهد .
ياناس الحله الحقونى هكذا صاح من كتر وهول المصائب التى أخذت تتقاذفه من ود اخوه تارة وما شاهده آنفا تارة وما بلغ مسمعه من الصبي ، ما قدامك يالشقي المتعوس الا تروح حوشك (هكذا كلم نفسه) وتقطع كراعك دى طب لا مرقه ولا دخله أقعد مع غنيماتك لمن أجيك الموت وترتاح من البلاوى البتتحادف عليك دى من كل جهة ، لكن أنا كمان وسخان ومعفن ولي كم صباح ما كبيت لي كوز مويه في جلدى علي موية الضوء – كدى الناخد لي مشيه علي البحر (النيل) اتبرد واجى انطبل في حوش السجم والرماد .
أخذ طريقه الي مكان بعينه في البحر ، حيث عهد وتمرس عليه ومنذ ماضي ليس بعيد أن يأتيه ، مكان بعينه يلتقي فيه الصبية والشباب لأجل الحمام نهاراً ، أو قضاء أوقات أنس وسهر ليلاً ، شارف علي وصول البحر ولكنه لم يلحظ مسلكا أو معبرا يوصله الي حافته كما هو معتاد ، فتلك المسالك والمعابر التى كانت تدخلك اليه فقد سدت حتى الأثر منها قد تلاشي ، ماعدا القلة من بعض ممرات ترالات الماء التى تجرها الحمير. وما كان ذلك ليحدث إلا بأحد عاملين أولهما بسبب الطمى الذى تناقلته سنوات الفياضانات والتى سرعان ماتزول لاهتمام الناس به ، وثانيهما نباتات العشر التى تراكمت أمامه وبكثافة غير عادية حتى جعلت من نفسها فاصلا بينه والمدينة (زعماً) ، وما التوسع العمرانى الذى تمدد وقارب الإلتصاق به ببعيد ، تلك المساحات الفاصلة بينه وبينها التى كانت بمثابة المرتع الخصيب للبهائم خريفاً ، وملاعب كورة ومساحات للتنفس للساكنين ، أما اليوم فما من كائن تستطيع الرياح حمله إلا وقد علق بتلك الشجيرات ، هذا بغض النظر عن كونها صارت مكانا مميزاً وموقعا ممتازأ لكب المخلفات والأوساخ .
وقف التفت يمينة فيسرة ثم قال (الله المستعان) ، هو الحله عشان تبقي مدينه يعنى لازم تتسجم وتترمد حالها وإلا ما يبقي حديث ، منعول أبو الحمام علي ابو دى حاله ، النمش ارد لي مويه من العد واتبرد في الطشت ، خوفي امش للبير والقاها كمان سولن فيها مصيبه ، وإبان عودته الي حوشه ، اخذته العزة والهاشمية بنفسه وقال والله الليله ياود أخوى إن بقيت طرت السماء علا أحصلك وعلا اسوقوك معاى علي محل العساكر الجديد والاستباله وتورينى كل الحاجات السوتا الحيكومه ولا كان سوها الناس براهن ، اها يالسوق جاك زول وأسرع خطاه وولج لبه ، يتسلل ويتقاطع مع المارة بداخله في خفة وبعنفوان لم يعهدا عليه بحثا عن ود اخوه ، ومكث غير بعيد فإذا بود اخوه ينادية ثانية وين ياعم ما قلت ماش الحوش الجابك شنو تانى ؟ تعال لي هنا تعال تعال ، بطلتو مشي الحوش وقسمت بي الله الكلام البديتو معاى علا كان أحددو معاك ، اول حاجه ارح ورينى كل شئ القلتو وما قلتو ، واول حاجه محل العساكر والاستباله ولف بي كل السوق واطلع بي لي قدام النشوف المبانى الجديده ديك كلها ، وانا عارفك مستهبل بتقول لي مشغول ، انا بدفع حق الكارو ولا الرقشه ، انت ياعم نسيت انو انا عندى رقشه بس حظك تعبان خسرانه ليها يومين ووصيت للاسبير في الخرطوم لليله ماجبوه لي علا مافي مشكله بتوع الرقشات كلهم أصحابي ارح بنركب مع اى واحد والف بينا .
اخذه ود اخوه في جولة مكوكية مروراً بمركز البوليس ومبانى المحلية جولة بدأت بالوقوف علي السوق متعرفا علي كل الروافد والمستدجات ، ثم المدارس شرقاً ، فشندى فوق وانتهى به عند الاستباليه . وهنا قال له ود اخوه ياعم دى فرصه وكت الله جابك لحد الاستباله الندخلك علي الدكتور نعمل كشف ، كشف شنو اكشف حالك مالي قلت ليك عيان ، علا كان بدور تقرضنى ، شوفتى ليها ساكت كفايه ، يعنى ارجعك خلاص كفاك ، اى رجعنى بدورنى ابيت فيها وأهمل معيزى ، يا ود اخوى قبيل وكت كنا مطرفين في سهلة الاستباله سمعت لي ناس اقولوا الاستباله أخير عدما وفاضيه التكتح ما فيها أحسن نسوق زولنا ونمش الخرطوم ، اها كلامن ده صح ولا شنو المعنى ، صحيح وستين صحيح اصلها ساونها منظر ساكت وما بتعالج فيها علا الناس الجايين من بره وظروفن متل حالى وحالك وما عارفنها شايفين القبه وقايلين فيها فكى ، ولا إكون ماعندهم قدره علي سفر الخرطوم وماعندهم حق العلاج فيها ، وساونها لشنو والقعده والقومه من قبيل لي شنو؟ خرجا معاً وسائق الرقشة ثالثهما باتجاه المدينة وفي طريق عودته قال لود اخوه ات المقابر الكانت قدام الحله (كلمة مدينة لم تركب بمخيله للحين) كمان شالوها وين ودوها؟ ، ياعم انت جنيت عديل حقو نوديك الخلوه نربطك مع المجانين في مقابر بحولوها ماياها ديك قدامك ما بتشوفا ، الله بسألك ياها دى هى مابقت وسط الحله ، أستغفر الله ، والناس طالعه ونازله فيها وكمان بنوا حوليها ، وكان ما اخاف الكضب اقول في ناس دخلوها علي حيشانن ، ياها ذاتا ولي اسع بدفنو فيها ، يا ود اخوى القيامه بدور تقوم الناس بقت تدفن امواتن قدام بيوتن ما بخافوا منها المقابر دى ، نحن زمان بعد المغرب البدوه 100 جنيه ما بجى بيها ، مدينكم تطير عليكم ، والله ندمتنى علي جيتى ، وكت قلت ليك ارح ورينى الحاجات الجداد السمحه السوتا ليكم الحيكومه ولا كان سوها ناس الحله براهن كت قايل بشوف لي شيتن سمح زى البسمع بيهو في خشوم الناس وكت تجى في الباص من الخرطوم الحاجات الفيها بقولوا المدينة كدى ولا بلاش ، زى شنو الحاجات البتسمع بيها دى ياعم علي قول الناس المدينه فيها النوادى ومحلات الأفراح وفيها الحاجات البتقدم الناس ، الخدمات الصحه والرعاية للنسوان الحمل والحاجات توفر رفاهية وراحة المواطن (رفاهية .... ياسلام عليك الكلمة دى جبنتها من ) بسمع الناس بقولوها ، وكمان فيها حاجات وحاجات وحاجات كتيره شن خبرنى بيهن بعرفوهن الجنوى الفاهمين وماسكين القلم وجنس النضمى ده بنجضوه بالحيل ، مو ناس قريعتى راحت .
حثتنا ياعم ، بحلاوتها الممزوجة بمرارتها ، وبراحتها الممزوجة بعنائها ، فكم ظننا معك أن التمدن نعمة ولكنه أفرد لنا شراسته ، وحدانا الأمل كما تأملت لذاتك ، أن لا تكون ثمار العلا سلة دون بيض ، ولا أن يكون الحصاد زهرة بلا ورد ، فقد تيقنت بتمعن وأنت تسترسل ، وتسألت كيف يكون وقعها ، بعفوية تعابيرها وتجلي مضامينها ، أو حتى بقبيح مفرداتها وشذاجة ألفاظها إن إعتقدها الآخرون ، كيف يكون رد فعلها علي ذات لئيمة متمردة أبت إلا وأن يكون سبيل الحال تخاذل وغاية الرقي أمان ، ومن خلفنا أجيال تتطلع إلينا لا أن يضيع حقها ، تلكم الذات التى أرادت قتل بسمة طفل أدنى مايمكن أن تثمره ، أنها لو طلت علي جرداء الأرض لأخضرت وأينعت ، ولو بثت بفيافي وقواحل الصحارى لروتها .
لك العتبي أيها العم ، وختاما فإن كان لا بد من كلمة إطراء تقال في حقك عرفانا وثناء ، فالذخر لك الي أبد الآبدين ، فقد رفعت لنفسك بعد موتك ذكرها ، وما ذكر المرء بعد الممات إلا وعمر ثان ، نم عمنا هانئاً غريرا فالحق لن يموت مهما نال خد مبتغيه من ضرب .
تحياتي
ابوالمعالي الامين المبارك- عدد المساهمات : 63
تاريخ التسجيل : 25/10/2009
مواضيع مماثلة
» التعليم في ودراوه
» ودراوه والغرباء
» ودراوه تنادى
» منتدى ودراوه ، ياجسر المودة والتواصل .. لك ما تريد
» ودراوه والغرباء
» ودراوه تنادى
» منتدى ودراوه ، ياجسر المودة والتواصل .. لك ما تريد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت أكتوبر 10, 2015 6:04 am من طرف شموخ انسان
» للأستفادة من البحوث العلمية
الأربعاء ديسمبر 24, 2014 1:56 am من طرف فدوة
» استحداث منظومة الكترونية
الأربعاء ديسمبر 24, 2014 1:42 am من طرف فدوة
» نداء الى عبد الله النور الامين ابراهيم او من يعرفه
الجمعة أكتوبر 03, 2014 11:03 am من طرف ايمن النور
» السلام عليكم والرحمة
الجمعة سبتمبر 12, 2014 3:31 am من طرف فدوة
» السلام عليكم والرحمة
الجمعة سبتمبر 12, 2014 3:26 am من طرف فدوة
» هداياااااااااا للزوج
الأربعاء أغسطس 06, 2014 8:23 am من طرف الزهرة الجورية
» تخلص من داء الكبد الوبائي (ب) بفضل المنتجات الهاشمية
الثلاثاء يونيو 24, 2014 4:27 am من طرف غبيشة
» تعريفات طابعات ولابتوبر واسكنر وكاميرات وغيرها
الخميس مايو 29, 2014 2:42 am من طرف جابر الرميثي