ودراوة سنة 1978م

حملت حقيبة المدرسة التي صنعتها امي من القماش الكاكي والمملوءة بالكتب والكراريس بشكل لا يسمح بدخول اي كتاب او كراس جديد وخرجت في معية حاتم اخوي. ووقفت عند زاوية البيت في انتظار الرفاق الذين كنت معهم حتى عشاء البارحة نلعب في وسط الفريق شليل والرمة وحراسة وشدت حتى نادت كل ام ابناءها للعشاء والنوم .. جاء من شارع بيتنا من اتجاه فرن عبد المنعم معتز و منتصر اولاد الشيخ احمد كلي خلفهما بقليل يوسف ود فضل السيد ( يوسف مهدي ). وجاء من الشارع المقاطع سلامة وبابكر واحمد اولاد مبارك ود البشير من اتجاه الشرق ومن الاتجاه المعاكس في نفس الشارع جاء صلاح مصطفى . تحرك جمعنا صوب المدرسة الغربية لينضم اليه اسامة ود محمد ود البشير ويوسف ود عبد الحكم ..بعضنا يلبس الردا الكحلي والقميص اللبني والبعض الآخر داخل الجلاليب البيضاء .. تكلمنا بصوت تسمعه جميع البيوت التي مررنا من امامها بيت ناس الطيب الكدم ثم بيت ناس عبد الحكم وبيت ناس الصادق ثم بيت ناس عمار ود الصديق تكلمنا عن كل شئ وتمازحنا .. ها جنا ما خليت دعايتك دي كل يوم مرقد شعرك زي الغنماية .. ضحكنا وضحكنا .. منو الحضر المسلسلة عند ناس عباس يوسف امس ؟ اخدتو اللقيمات من ست النفر؟ وربما اشترى احدنا قلم رصاص او براية من دكان محمد علي او حبر من دكان الفكي عبدالرحيم، او ركب الكارو المار من امامنا فمحطه عوض الله بالسوط فقفز قبل ان يمسه راس السوط.
وعلى هذا الحال حتى نصل الى المدرسة الغربية. وفيها يقابلك استاذ الشامي او الترابي او ربما كان صباحك ورداً فيقابلك المدير استاذ مبارك احمد العباس شخصياً. حينها فقط ستتذكر انك لم تحل تمرين الحساب.. اوالتسميع وانت لم تحفظ السورة او النشيد .. آجنا بتمشي وين من عثمان ود الست؟ بكتلك.. فيدخل متأخراً ماشياً كما العساكر استاذ قسم السيد ابراهيم علي (ود العبد) يسبقه عطره المميز في زمن لم نكن نعرف فيه العطر الا مع ابواتنا قبل صلاة الجمعة، فيقف كل جالس ويجلس كل واقف ويصمت الجميع .. ويقول دون ان يلتفت لأحد: جمعية الفلاحة المدرسية تعالوقابلوني قبل الطابور ..
ثم يرن جرس الطابور .. وما ادراك ما الطابور .. اولاد خامسة و(ساتة) يؤدون النشيد باللحن (لم نكن حينها سمعنا عن نشيد العلم بعد):
زارع الحقل في البكوووور عيشك الدهر اخضر
(ثم يصفر الصادق احمد علي (الضرير) بكفيه المضمومتين بصوت عال)
انت في هيكل الزهوووووور فيلسوف مفكر
وصفارة أخرى من الصادق اكاد اجد صداها في اذني حتى الان.
يعاقب بعد ذلك الغائبون دون عذر من يوم امس .. وربما جلد استاذ الشامي المتهمين بأكل الجرجير من احواض الفلاحة .. أو ربما طلب من اربعة كبار من سنة (ساتة) أن يشدو أحدهم من اطرافه الاربعة ثم يجلده لجرم ارتكبه بالامس. ثم يمر من امامك عدد من التلاميذ يحمل اكبرهم دفتر العيادة متجهين الى المستشفى وهؤلاء لم يستطع دكاترتنا من التلاميذ علاجهم.. او ربما جاملهم صالحين عبد الله حميد وعوض التلب فحولوهم الى المستشفى ليحظوا بالعبارة الجميلة (علاج وراحة لمدة 72 ساعة) .. فنقول في سرنا يا حظهم ليتنا كنا معهم..
ثم يدور الطابور الى الفصول بعد كذا صفا انتباه يؤديها الصغار باتقان ويتثاقل في ادائها الكبار (اولاد سنة ساتة).. يدخل كل فصل تلميذان من خامسة في يد احدهما نصف كراس مكتوب عليه في الغلاف (دفتر الغياب) فيسأل الالفا عن الغائبين اليوم ويسجل الاسماء ثم يخرجا لتبدأ بعد ذلك حصة الحساب .. ثم حصة العربي ثم فسحة الفطور .. وفي الفسحة تتمايز الصفوف .. فإما أن تكون من اولاد الراحات فتشتري من عمنا محمد احمد ربع رغيفة محشو بالفول بتعريفة وربع آخر محشو بموية الطحنية بتعريفة. أو تكون مفلس فترجع لتناول الفطور في البيت. وربما فاض مع احدنا قرشاً فيشتري به دومة من الحاجة بارد النسمة، التي كان يفصل بين حوشها والمدرسة شارع صغير او حلاوة لولو من دكان حاج زيادة أو سمسمية من (ابعلامة) ود العبيد الذي كنا دائماً ما نقول لقريبه خوجلي : يا حظك يا خوجلي ساكن في بيت الحلاوة..
.... ولنا عودة

برغم دخولك العوي تؤكد انك منا وتسترد لنا عافية الزمن الجميل واذكر جيدا التفتيش الصباحي في الطابور شئ اضظافر وحتى الملابس الداخلية لا تسلم من التفتيش وقص الشعر وغيره وكان ده يوم السبت والثلاثاء يعني كان ما بتستحم لازم السبت والثلاثاء تستح حتى لا تجلد في الطابور وبعدها تدخل الفصل ايم عباس ركس يطلب من الرشيد المضاعف المشترك البسيط ويردد عباس الرشيد المضاعف المشترك البسيط انا العلى سويتو الا انت ما اهتم بيهو فلان جيب السوط وتنتهي حصة الرياضيات وبعدها حصة العربي مبارك احمد العباس اطال الله عمره تسميع قصيدة ويتكرر الجلد ويسلممن يسلم ويجلد كل مهمل واذكرعبد الحليم جبارة الله يهددنا بان يطلب من مبارك يسمع ليناسورة عبس ويبدا تسميع سورة عبس وعلى عبد الرحمن التاى يجلس في الكونر بالقرب من بجانب عبد الحليم ويبدا التسميع من عبد الحليم وعبد الحليم مريح يقول انا ما حافظ وياتي دور على وطبعا على رغم انو شاطر وحافظ السورة طير من راسو من الخوف ويبدا يتمتم عععععععععععععععععععععععععععععع وينهره مبار ك عرفناها عبس بعدا شنو ويطير الكلام بالمرة من علي ويططلب منه مبارك ان يقف من الماحافظين ويستمر مسلسل الحفظ بعد الفطور والحصة تاريخ وفي انتظار الزعيم وما اداراك ما الزعيم الكل يترقب حضور الزعيم والناس منشرة على حائط المدرسة ينظرون بعين الى الشارع الذي يسلكه الزعيم وعين اخرى في الكرارايس يذاكرون والخوف يرهبهم هكذا كان التعليم ايام زمان في ودراوة الغربية ولي عودة باذت الله

الأخ بشير .. السلام عليكم وشكراً على المرور ..برغم اني ما اتذكرتك كويس لكن الظاهر والله اعلم انك يابوالشباب من الرعيل الاول..نسيت ان اذكر الاستاذ عباس القمر الله يرحمه ويحسن اليه وهو من ام دقرسي .. كان جلاد جلد .. أسأل الله صادقاً ان يكتب له بكل جلدة جلدنا اياها الف الف حسنة ..فقد كان الرجل طيب القلب ولم يكن يقصد من ذلك الا تأديبنا .وإن اختلف معنا تربويو العصر.. ولا انسى استاذ محمد عبد القادر الاعرج(وهذه غيبة مباحة بقصد الوصف) عازف العود ونشيد امتي يا امة الامجاد والماضي العريق.. ولا انسى مشاركات عثمان عبد المنعم في الجمعيات الادبية بأغاني سيد خليفة .. ولللا انا قلبي بيدق.

انا بشير احمد محمد علي ود الاحيمر دفعة صلاح مصطفى ويوسف مهدي جمعة والرحوم احمد ضمرة على عبد الرحمن وعمر زروق وغزالي خالد البشير وغيرهم

الاخ ابو ابراهيم
اطال الله عمرك في نعمائه واسبغ عليك نعمه ظاهره ............
حقيقي انا عن نفسي لم اعرفك واظن ان معظم من بالمنتدي يشاركوني في ذلك لذا اود ان اطلب منك بكل ادب واحترام ان تعرفنا علي نفسك وعلاقتك بالوطن الحبيب .....

وأنا كذلك لم اعرفك يا عمر ود امي حليمة.. بس اتذكر وانت طفل ابن ثلاث سنين اخذت شقيقتنا سوسن وهي بنت سنة ونصف ويا دوبك بتتعلم في المشي واختفيتووقطعتو قلب اماتكم.. وبعد تلاتة ساعات من البحث المتواصل اكتشفنا انكما ضمن المتفرجين على الحفارة البتحفر في البيارة القديمة جوار ميدان قلب الاسد .. انا يا سيدي اخيكم ابن ودراوة دماً ولحماً .. ومحبكم ومحب لكل ذرة من تراب امنا ودراوة .. اخوكم محمد عوض الله ابن عمكم عوض الله محمد وقيع الله سواق الاسعاف .. عفواً دخلت عليكم دون اذن وما ذلك إلا لاني اعد نفسي صاحب دار.. وصاحب الدار لا يستأذن على اهله.. ودمتم

التحيه والتقدير والاحترام اخى وصديقى ودفعتى محمد وربنا يحفظك حقيقه انا اصبت بدهشه كبيره عندما قرأت مساهمتك لان الاسلوب الروائى ليوم واحد من حياتك ياتى بمثل هذه الروعه التى لاتقل عن اسلوب اى كاتب عالمى وهذه ليست مجامله فبقليل من الجهد سيكون لك شان فى مجال القصه والروايه.

ابوابراهيم من الكنيه الظاهر عليك مقيم فى دوله عربيه اتمنى ذلك .حقيقه فقدناك ايام النشاط الطلابى ولو كنت موجودلكانت لك بصمات واضحه الحديث يطول ويطول اتمنى منك اثراء المنتدى



طارق عبد الرحيم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

الرائع دوماً محمد ابن الوالده الحنون امي (اسيا) والاب الراقي ؛ الوفي (عوض الله) ادامهما الله في نعمائه وحفظهما من كل سؤ امييييين يارب....
انا طبعا من بديت في قراءه ردك وتعريفك بديت اضحك لاني عرفتك علي طول لما غلبني اكمل من الاول .... وزي ما قال طارق المفترض من اسلوب الكتابه الواحد يبتدئ يتعرف عليك لانو اسلوبك القصصي واختيار الكلمات يشير اليك ....
طبعا ماممكن نرحب بيك لانك مننا وفينا لكن يشرفنا ويزيدنا تشريف مجرد الزياره في المنتدي والمساهمه بالكتابه في هذا المنتدي المتواضع فاهلاً بك بين اهلك وعشيرتك .....
اسأل الله ان يحفظ غربتك ويردك لنا سالماً غانماً يارب ...

الأخوين طارق وعمر شكراً على الإطراء..فأنا أعتبر كل ما ينتمي إلى ودراوة جزء أصيل مني..البلد الذي عشت فيه كامل سني طفولتي وصباي ..واتيحت لنا فرصة السكن والتنقل بين أحيائها العظيمة،العمارة،حلة سعيد والحي وسط واستمتعت فيها بصحبة و جوار خيرة الناس ..فتجدني ما ان اسمع بأحد من ودراوة في السودان أو الغربة .. إلا و أهرع بالتواصل معه .. ونتواصل

شكرا على الموضوع الجيد